ما هي التقنية المالية أو المسماة أيضًا بالفنتك؟
هي توظيف التقنية في مجال الخدمات المالية بهدف تطويرها بغرض مساعدة الأفراد والشركات ورواد الأعمال والعملاء على إدارة معاملاتهم المالية، من خلال خوارزميات وبرمجيات تعمل على أجهزة الحاسب الآلي والهواتف الذكية.
التقنية المالية أو الفنتك لم تكن فكرة مُستحدثة إطلاقًا, إنما هي صناعة تطورت سريعًا خاصة في قرننا الحالي، فلطالما كانت التقنية والتكنولوجيا جزء كبير في قطاع المالية.
بدأ الفنتك تقريبًا في عام 1866 حين دخل أول كابل بحري لاتصالات التلغراف عبر الأطلسي، موفراً أول بنية تحتية للعولمة المالية. وفي عام 1918 أصبح التلغراف أساساً لخدمة (Fedwire fund service) وهو نظام اتصالات خاص أنشأه الفيدرالي الأمريكي لمعاجلة تحويلات الأموال بين البنوك الفيدرالية الـ12 التابعة له، واستمر القطاع المالي في استخدام التلغراف في التحويلات المصرفية حتى أوائل السبعينيات.
عقِب ذلك بناء الجزء الأكبر من البنية التحتية للتكنولوجيا المالية خلال الفترة ما بين عامي 1950 و 1970.
ففي عام 1950 قدمت شركة (Diners Club) أول بطاقة ائتمان حديثة، قبل أن تنافسها عليها في السنوات اللاحقة شركات مثل (American Express).
في بدايات قطاع البنوك كان يتم حفظ المعاملات ورقيًا، وهذا ما أدّى إلى استغراق عمليات بسيطة كالسحب والإيداع الكثير من الوقت، بالإضافة إلى جعلها عرضة للأخطاء والاحتيال اليدوي.
وظل الوضع على هذه الحال إلى أن تمت الاستعانة بأجهزة الكمبيوتر الخاصة بـ(IBM) في الستينيات، وهي الخطوة التي غيرت وجه الصناعة المصرفية تماماً. فقد ساهمت أجهزة (IBM) في توفير الأتمتة والسرعة والشفافية وكذلك الثقة في النظام.
وتبع ذلك ماكينة الصراف الآلي التي حوّلت الخدمات وطورتها رقميًا، وقد كانت في بدايتها مقتصرة على تلبية متطلبات السحب النقدي خارج أوقات العمل، وفي السنوات اللاحقة بدأت أجهزة الصراف في تقديم خدمات إضافية مثل الاستفسار عن رصيد الحساب وتغيير كلمة المرور وتعديل تفاصيل الملف الشخصي.
بعد ذلك تم إنشاء أول بورصة رقمية (NASDAQ) في السبعينات. لحِق ذلك ظهور الإنترنت في التسعينات، وكان علامة فارقة في العلاقة بين التكنولوجيا والقطاع المالي، حيث قامت البنوك بإنشاء تطبيقات على الإنترنت من شأنها تمكين العميل من القيام بمعاملات من خلال موقع ويب أثناء جلوسه في منزله أو مكتبه.
كان النجاح الهائل الذي حققه جهاز (iPhone) الذي أطلقته (Apple) في 2007 بمثابة بداية فعلية لعصر الجوالات الذكية الذي دفع معظم البنوك إلى إتاحة خدماتها المصرفية عبر تطبيقات يتم تثبيتها على هذه الجوالات بعد أن كانت تلك الخدمات متاحة فقط على أجهزة الكمبيوتر.
مع فقدان المستهلكين ثقتهم بالبنوك بسبب الأزمة المالية العالمية عام 2008 ومع تغير التشريعات، تمّت ولادة (Bitcoin) في عام 2009 وتبعته العملات الرقمية الأخرى.
قد أحدثت التقنية المالية ثورة في العديد من القطاعات، من أبرزها: القطاعات المصرفية و التداول و التأمين و كذلك إدارة المخاطر.
وتستخدم شركات الفنتك أبرز التقنيات الحديثة مثل: البيانات الضخمة (Big Data)، الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتطورة، لجعل الخدمات المالية أكثر سهولة وكفاءة.
خلال السنوات القليلة الماضية شهد قطاع التقنية المالية في المملكة العربية السعودية نموًا كبيرًا وأصبح من الواضح أن التقنية المالية سوف يكون لها تأثيرًا كبيرًا على طريقة عرض الخدمات المالية في المملكة.
فقد بدأت القصة في عام 2017 عندما بدأ ينضج القطاع عالميًا ووصلت مؤسسة النقد السعودي لقناعة بأهمية تنمية هذا القطاع كأحد الممكنات لتطوير القطاع المالي بشكل عام، بدأت بنقاشات مع البنوك عن وضع القطاع البنكي والخدمات المصرفية في المملكة، وعن طبيعة احتياجات سكان وزائري المملكة من الخدمات المالية، ونقاشات مع المشرّعين الآخرين.
بدأت هذه كفِكرة، تبلورت في نهاية عام 2017، وفيه أبريل من 2018 تم إطلاقها في مقر مؤسسة النقد السعودي. تهدف المبادرة إلى جعل المملكة العربية السعودية مركزًا رائدًا لقِطاع التقنية المالية من خلال دعم عملية تطوير البنية التحتية اللازمة لتسريع نمو القطاع وتطوره.
وقد بلغ عدد شركات الفنتك السعودية في عام 2021 الى 82 شركة ناشئة نشطة مقارنة بـ10 شركات في عام 2018.
من الأمثلة على تطبيقات الفنتك في المملكة العربية السعودية:
-STC Pay و Alinma Pay
وهي تطبيقات توفر حلول دفع رقمية متقدمة تمكنك من إضافة الرصيد باستخدام مدى أو البطاقات الائتمانية أو إضافة الرصيد باستخدام Apple Pay و التحويل من أي حساب بنكي أو مصرفي داخل أو خارج المملكة العربية السعودية باستخدام رقم الجوال أو الايبان.
-Tamara و Tabby
شركات تعمل في قطاع الفنتك وتحديداً في مجال (اشتر الآن وادفع لاحقاً)، تمكّنك من التسوق وتقسيم المدفوعات مع تمارا وتابي دون دفع أي رسوم أو أي فوائد.
-شركة منافع المالية
تقدم منافع خدمات التمويل الجماعي (Crowdfunding) في الملكية والدين باستخدام التقنية المالية من خلال ربط المستثمرين ورواد الأعمال بمنصة إلكترونية واحدة.
- شركة صكوك المالية
تعمل صكوك المالية على ﺗﻄﻮﻳﺮ وأتمتة ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ واﻟﺎﺳﺘﺜﻤﺎر ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ أﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءة ﻣﻤﻜﻨﺔ تقنيًا و فنيًا.
تسعى المملكة العربية السعودية لتطوير الكفاءات و التشريعات لتكون متناسبة مع نماذج الأعمال الجديدة، وتوفير مصادر التمويل لشركات التقنية المالية بهدف الوصول الى 525 شركة فنتك بحلول 2030.
كما أن شركات الفنتك لها دور كبير في تحقيق رؤية 2030 بناءً على (فنتك السعودية) فستساهم شركات الفنتك في تحقيق رؤية 2030 من خلال تمكين المملكة من تنويع قاعدتها الاستثمارية وتوفير الوظائف النوعية للمواطنين السعوديين ودعم الشمولية المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وتطويرها رقميًا، وأيضًا الأفراد الغير مستفيدين من الخدمات المصرفية، وكذلك دعم مساعي المملكة لتكون خالية من النقد الورقي والتحول للاقتصاد الرقمي.
بناءً على التوقعات المستقبلية والإحصائيات الحديثة لنظام الفنتك فإن العديد من الخبراء يؤكدون على أن المستقبل سيكون للتقنية المالية،كما قد شهد مجال الفنتك نموًا كبيرًا حيث بلغت قيمة السوق العالمي 7.3 تريليون دولار في عام 2020 ومن المتوقع أن يزداد النمو الى أكثر من %25 بالمئة (معدل النمو السنوي المتراكم CAGR)، و كافة التقنية سيكون لها تأثيرًا كبيرًا في التعاملات المالية فسيساعد على إنشاء وتحديد الطرق والخدمات المصرفية عبر الأجهزة الذكية، وأيضًا إنشاء المحافظ الإلكترونية والتعاملات المالية المختلفة، جميع هذا يؤكد على أن المستقبل بأكمله سيكون للفنتك.
أخيرًا، نقدم لكم روابط بودكاست تتعلق بالفنتك:
- بودكاست فنتك السعودية:
- حلقة من بودكاست فلوس:
المصادر:
https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/1329252
https://thepaymentsassociation.org/article/fintech-the-history-and-future-of-financial-technology/
https://www.financierworldwide.com/the-future-of-fintech#.Yyd1ChZRUlQ
إعداد :
ليان السبيعي و رزان العلي