4 قراءة دقيقة
أرامكو

بدأت القصة قبل ٩١ عامًا بعد ما تمّ اكتشاف النفط في دولة البحرين الشقيقة في عام ١٩٣١م، دفع هذا الاكتشاف الملك عبد العزيز رحمه الله في التنقيب عن النفط داخل أراضي السعودية، فتّم بعدها توقيع المملكة عقد امتياز مع شركة سوكال الأمريكية المعروفة حاليًّا باسم شيفرون للتنقيب عن البترول وهذا في عام ١٩٣٣م.

على أثر هذا العقد تم تأسيس شركة لإدارة المشروع تحت اسم كاليفورنيا العربية للزيت القياسي (CASCO). بدأت الشركة رحلتها في اكتشاف النفط في صحاري المملكة، ولكن للأسف بعد مرور عامين ومع عدم تحقيق أي نتائج بلغ اليأس ذروته حتى وصل بشركة سوكال أن تتخلّى عن نصف حقّها من امتياز التنقيب إلى شركة أخرى.

كان الأدلّاء السعوديين يقودون الخبراء الأمريكيين من مكان إلى مكان، بعد سنوات من البحث بدأوا بعدها بالحفر في البئر رقم واحد، لكن بعد سبعة أشهر فشل البئر بأن يخرج كميّات جيدة من النفط، ولكنهم بالرغم من ذلك استمروا في البحث وحددوا مواضع حفر جديدة لستة آبار أخرى، ولكن معظم هذه الآبار فشلت ما عدى البئر رقم ٧ الذي كان محط أنظار الجميع.

وفي منتصف ترقّب الجميع للبئر رقم ٧ تم استدعاء الخبراء لاجتماع عاجل لمجلس إدارة الشركة في سان فرانسيسكو للانسحاب من المشروع بعد مدة بحث دامت لستة سنوات، لكن ورد اتصال قطع هذا الاجتماع مبشّرا بتدفق النفط من البئر رقم٧.

كان البئر رقم سبعة بداية الخير لاكتشاف حقول جديدة من النفط والغاز، حتى أطلق عليه اسم "بئر الخير".

تتويجًا لهذا الحدث الكبير وصل الملك عبد العزيز رحمه الله إلى الظهران في عام ١٩٣٩م حيث زار موقع البئر وأقيمت بالقرب منه احتفالات كبيرة.

بعد تسميتها بأرامكو (شركة الزيت العربية الأمريكية)، ومع التزايد السريع في إنتاج النفط، أصبح من الضروري على الشركة توسيع نطاق أعمالها في قطاع التوزيع أيضًا.

ففي عام ١٩٥٠م، أنجزت الشركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية "التابلاين" الذي يبلغ طوله ١٢١٢ كلم والذي يعد الأطول في العالم. ربط خط التابلاين المنطقة الشرقية في المملكة بالبحر الأبيض المتوسط مما أسهم في اختزال زمن وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا بشكل كبير. وبعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي الضحلة، اكتشفت الشركة حقل السفانية في عام ١٩٥١م والذي يعد أكبر حقل نفط بحري على مستوى العالم.

بحلول عام ١٩٦٢م، حققت الشركة إنجازًا مهمًا آخر، حيث بلغ الإنتاج التراكمي للنفط الخام ٥ بلايين برميل.

وفي عام ١٩٧٣م، اشترت الحكومة السعودية حصة قدرها ٢٥٪ في أرامكو وزادت هذه الحصة لتصل إلى٦٠٪ في العام التالي. وفي عام ١٩٨٠م امتلكت الحكومة السعودية شركة أرامكو بأكملها لتنشأ بعد ثمانية أعوام شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) رسميًا، لتكون شركة جديدة تتولى جميع مسؤوليات شركة أرامكو بقيادة معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، الذي أصبح أول رئيس سعودي للشركة في عام ١٩٨٤م، ثم أول رئيس لأرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين في عام ١٩٨٨م.

وبعد هذا الحدث بدأت أرامكو السعودية تحولها من شركة منتجة للنفط ومصدرة له إلى شركة بترول متكاملة بالتزامن مع تأسيس شركة ستار إنتربرايزز في عام ١٩٨٩م، وهي مشروع مشترك مع شركة تكساكو في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تحولت لاحقًا لتصبح شركة موتيفا التي بدأت كشراكة بين شركتي تكساكو وشل ومن ثم استحوذت عليها أرامكو السعودية بالكامل في عام ٢٠١٧ لتصبح المالك الوحيد لأكبر مصفاة لتكرير النفط الخام في موقع واحد في أمريكا الشمالية في بورت آرثر، بولاية تكساس.

أرامكو ليست مجرد شركة نفط، فهي تملك شركة طيران، أسطول بحري، مختبرات علمية حول العالم، مراكز علمية ومنظومة تعليم مهني وأكاديمي.

وفي آخر خمس سنوات لها نجحت في مضاعفة عدد براءات الاختراع المملوكة لها بأربعة أضعاف في مجالات الطاقة والسلامة والخدمات اللوجستية والعلوم التقنية. بالإضافة إلى قيامها ببناء مشاريع ومدن وقرى من الصفر، مثل: رأس تنورة والجبيل والعديد من القرى بالربع الخالي وملعب الجوهرة بجدة.

شركة أرامكو في عصرنا الحالي هي شركة رائدة في مجالها حيث تعد أكبر وأهم الشركات الخاصة بالنفط والغاز الطبيعي على مستوى العالم.

نجحت شركة أرامكو السعودية في دعم الاقتصاد الوطني وأيضًا الاهتمام برؤية ٢٠٣٠ الداعمة للعديد من القطاعات التي آلت إلى تثبيت مكانتها كشركة رائدة ومتكاملة في العالم، وذلك عن طريق تنفيذ صفقة الاستحواذ على حصة في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) من صندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية بحصة ٧٠٪؜، بقيمة ٢٥٩.١ مليار ريال سعودي ستسدد عن طريق ٩ دفعات تنتهي ٢٠٢٨م، والتي تعد من أضخم الصفقات عربيًا ومن بين الأكبر عالميًا.

دعمًا لبرنامج جودة الحياة الذي يعزز تحقيق رؤية ٢٠٣٠، في وقت سابق أعلنت شركة أرامكو عن تأسيس شركة مملوكة لها بالكامل تعمل في مجال محطات الوقود، لتسهم في تغيير مفهوم المحطات التقليدية، إعادة تأهيل، رفع مستوى الخدمة، وتوفير معايير عالمية للإسهام في الارتقاء بقطاع التجزئة. مع شراكة شركة توتال الفرنسية تم ذلك عن طريق صفقة استحواذ على محطات الوقود التابعة لشركة سهل والبالغ عددها ٢٧٠ محطة.

ومازالت شركة أرامكو تستحوذ على حصص من شركات عالمية للتوسع في الأعمال للمحافظة على مكانة الشركة وتحقيق القيمة.

في لقاء الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة - حفظه الله - تم النقاش عن طرح أسهم أرامكو للاكتتاب وأن له فوائد على العديد من الأصعدة، أهمها الشفافية في القوائم المالية والأرباح والرقابة عليها بشكل مكثف، أيضًا تنوع ونهضة الاقتصاد السعودي.

وفي حدث تاريخي أعلنت شركة أرامكو عن طرحها أسهم للاكتتاب في السوق السعودي، طرحت شركة أرامكو ١.٥٪؜ من إجمالي أسهم الشركة للتداول العام، بقيمة ٣٢ ريال سعودي للسهم الواحد، والحد الأدنى للاكتتاب ١٠ أسهم للفرد.

ويعد اكتتاب شركة أرامكو من أكبر الاكتتابات في السوق. أعلنت الشركة توزيعات أرباح نقدية على المساهمين وسهم مجاني مقابل كل ١٠ أسهم. وذكرت شركة أرامكو أن طرح الأسهم لن يؤثر على أعمال الشركة أو استراتيجيتها أو سياستها.

تبوأت أرامكو صدارة أكبر شركات العالم من حيث القيمة السوقية حيث بلغت ٢.٤٣ تريليون دولار، متجاوزة بهذه القيمة كبرى الشركات العالمية في كل المجالات.

أرامكو ليست قصة شركة، بل هي قصة لتاريخ أمة نهضت

أخيرًا نقدم لكم مقطع فيديو يحكي قصة أرامكو:

https://twitter.com/mnakbshow/status/1526253196817092608?s=46&tnREKkHKWpJjKnXXC1KW_g

المصادر:

https://youtu.be/Iu78lYAMGzs 

https://youtu.be/tDnLTXUPP9Q 

https://www.aramco.com/ar/investors/investor-tools/dividends/dividend-interactive 

https://twitter.com/PIFSaudi/status/1273184812761841664?s=20&t=D6Nnp9FY1VqH8JXjWl_d-

إعداد:

حنان العشيوي